خلايا هنريتا الخالدة
أن تموت وتظل أجزاء منك على قيد الحياة ، ربما إلى الأبد ، هذه الأجزاء ليست حية فحسب ، ولكنها غيرت وجه الطب على نحو لا يمكن تخيله .
هذا بالضبط ما حصل مع هنريتا ، إمرأة في الثلاثين من عمرها
ذهبت إلى الطبيب بسبب "كتلة " في عنق الرحم ، بعد أخذ عينة من الكتلة
لفحصها ، اتضح فيما بعد أنها ورم سرطاني .
الشيء المميز هذه المرة ، أن هذه الكتلة استمرت في النمو في
طبق بتري داخل المختبر ، تنتج جيل جديد كل ٢٤ ساعة ، وتظل تنمو وتنقسم دونما توقف
طالما توفر لها الغذاء والمساحة الكافية .
بالنسبة للأطباء في ذلك الوقت ، كانت شيئاً لا يمكن تصديقه
، كان اكتشاف اول سلالة خلايا بشرية خالدة ، اطلق عليها
HeLa اختصار لأول حرفين من اسم المريضة هنريتا لاكس .
كيف ؟ سر الخلود
الخلايا الطبيعية تستمر في الانقسام الى ان تصل إلى "Hayflick limit" بعدها تصدر أوامر بموت الخلية المبرمج "apoptosis" ، حينها يكون التيلومير قد تآكل تقريباً ، هذا الكتاب سمح لي بأن أرى الوجه الآخر للسرطان : انها خلايا خارقة تقريباً ، تمتلك الخلايا السرطانية انزيم التيلوميرز المسرول عن تجديد التيلومير بعد كل انقسام ، كما أنها أيضاً تتنتج الكثير من مستقبلات عوامل النمو ، وتخادع جهاز المناعة والكثير من الخصائص المميزة الأخرى ( ( hallmarks of cancer cells
hallmarks of cancer |
.(بالمناسبة , على موقع كورسيرا كورس جميل عن أساسيات بيولوجيا السرطان ,وللمصادفة فهو مقدم من نفس الجامعة التي أنتجت خلايا هيلا لأول مرة )
ما الذي يجعلها مميزة ؟
من أهم عمائد البحث العلمي هو القدرة على تكرار التجربة
والحصول على نفس النتائج في كل مرة ، قبل العثور على
HeLa ، كانت تواجه الأطباء عقبات عديدة ، الخلايا
التي يتم زراعتها في المختبر غالبا ما تموت بسرعة مما يعيق عملية مراقبة التجربة
لفترة طويلة ، كما أنه عند تكرار التجربة فإنهم يستخدمون خلايا ذات جينات
مختلفة وإذا كانت العينات مختلفة فإن هذا
بالطبع سيؤدي لنقص الدقة في النتائج.
من اكتشاف تطعيم شلل الأطفال إلى قياس تأثير انعدام
الجاذبية على الخلايا في الفضاء ، من تجارب زراعة القرنية في المعامل إلى تجارب
القنابل النووية ، هيلا غزت كل العلوم الطبيعية تقريباً .
كما أنها سمحت لمحبي الخيال العلمي أن يطلقوا العنان لأفكار
الفرانكشتاين التي بداخلهم ، استنساخ الخلايا ، دمج خلايا بشرية وأخرى نباتية ،
حقن خلايا بشرية في الفئران ، وحتى حقن تلك الخلايا السرطانية في مرضى -دون علمهم
- لاختبار رد فعل المناعة ! هذا الأخير تسبب في مشكلة أخلاقية كبيرة ، فلتجوجل "Chester M. Southam" وتقرأ
عن تجاربه .
أكثر ما وجدته مثيراً للاهتمام هو أنه عندما كان العلماء يحاولون دراسة الكروموسومات ، كانت
تتجمع ويصعب تميزها من بعضها ، لذلك ظلوا يعتقدون أن الانسان يملك ٤٨ كروموسوم ، إلا أن أحد العلماء أضاف خطأً ، مكوناً اضافياً.. هذا جعل الخلية والكروموسومات
بداخلها تنتفخ وتنفجر وتتفرق الكروموسومات كل على حدة مما أتاح للعلماء
عدهم بشكل صحيح .
Gim’my al tha muthafuc*in money
-في الكتاب كانت تكتب الحوارات كما ينطقونها , للزنوج لكنة مميزة قليلاً , مما أضفى واقعية أحببتها -
فكرة الكتاب تركز على حقيقة أن هذه العينة أخذت بدون إذن من
هيرنتيا ، ولم يتم إعلام العائلة ان هذه الخلايا سيتم استخدامها في التجارب ، وتم
تسويقها تجارياً وتربح الملايين منها ، بدون أي عائد للعائلة .
العائلة كانت تشعر باستياء شديد وبخاصة أنهم ربطوا مشكلتهم
بالعنصرية ، "هؤلاء القوم البيض يصنعون الملايين من وراء خلايا والدتنا ،
بينما نحن لا نملك ثمن كشف الطبيب " .
بصراحة , شعرت أنه لا حق لهم في المكسب من وراءها ، فهذه الخلايا لا قيمة لها لولا المجهود الذي صبه العلماء عليها ، فيما عدا ذلك فهي مجرد -ورم- ينبغي التخلص منه , وكونهم فقراء فلا يعني بالضرورة أن هناك من أخذ اموالاً يستحقونها لمجرد النسب .
يعني واحدة من المفارقات العجيبة في الحياة إن العائلة دي شاغلين نفسهم بحقهم المادي في خلايا أمهم رغم إنهم لم يبذلوا أي مجهود يستحقون مقابله مالاً , وجوناس سالك الذي اكتشف لقاح شلل الأطفال -أجرى تجاربه على هيلا - في إحدى المقابلات سُئل "من يملك براءة
إختراع لقاح شلل الأطفال؟" فأجاب "لا أحد؛ هل يمكنك استخراج براءة
إختراع للشمس؟"
عموماً "حق المريض في الأجزاء المستأصلة " هي
قضية جدلية أخلاقية في المجال الطبي ، رغم أن هذه الأجزاء لم يعد لها نفع إلا أن
استخدامها في البحوث يثير أسئلة كثيرة ، أي نوع من البحوث ؟ من سيستفيد منها
تجارياً ؟ ماذا لو تم استخدام نتائج البحوث ضد جماعات انسانية معينة "الارهاب
البيولوجي والقنابل النووية الخ " .. خاتمة الكتاب تشرح وجهات النظر المختلفة
تجاه هذه القضية .
تجرَّعَ ذلّ الجهل طولَ حياته
قد يكون من السهل عليك تقبل فكرة وجود خلايا خالدة طالما
أنها تتمتع بكل المميزات التي تؤهلها لذلك ، على الأقل انت تعرف ما الذي تعنيه
كلمة خلية ، لكن تخيل معي انك شخص لم يكمل
تعليمه الابتدائي ، كلمة خلية لم يسمع عنها إلا من التلفاز في وصف العمليات
الارهابية ، وليس عندك أي معرفة بالعلوم .
تخيل أيضاً ، أن يفاجئك شخص بعد مرور سنوات طويلة من وفاة
شخص عزيز عليك ، أن أجزاء منه لازالت حية !
ولكن أنا اقرأ الكتاب تخيلت مقدار الصدمة التي أصابت ديبرا
، ابنة هينرتيا ، حين تلقت اتصالاً يخبرها بأنهم يحتاجون عينات دم منها ، لتفاصيل
تتعلق بخلايا والدتها .
باختصار ، كان العلماء يظنون-بناء على معدل انقسام خلايا هيلا السريع والغير متحكم به - انها قد غزت بقية
العينات في المعامل ، فأرادوا عينات دم من أقرابها لعمل خريطة جينية لتميز خلايا
هيلا عن الخلايا الأخرى .
في البدء ، ظنت ديبرا أنهم يأخذون الدم منهم لفحص إن كانوا
مصابين بالسرطان أيضاً أم لا ، ولكن بما أنها لم تتلق رداً من الأطباء ، أصابها
الذعر .
بدأت تبحث عن ماهية تلك الخلايا ، عندما تسأل الجميع يقول لها إن خلايا والدتها أسدت جميلاً لا
يمكن رده للعلم ، ولكنها لم تكن تتذكر أي شيء عن والدتها ، ولا تعرف كيف يمكن
لخلايا والدتها أن تساعد الأطباء .
تخيل مدى ذعرها عندما سمعت بأن أجزاء من أمها انفجرت مع
القنبلة النووية ، تتسائل عن مدى الألم الذي اعترى والدتها ومدى الأذى الذي حاق
بها ، أو عندما تقرأ أنه تم استنساخها ،
مصدر معلوماتها الوحيد عن الاستنساخ هو افلام الخيال العلمي ، تخيلت أنهم في مكان
ما يصنعون نسخاً من أمها التي لم يتسن لها
رؤيتها ، أخوانها الذكور يصرون على فكرة "سنقاضي هؤلاء الاطباء ونصبح مليونيرات
" ولكنها تفكر "أين أمي وسط كل هذه الضجة ؟"
عندما كانت تطرح اسئلة عن والدتها لأقاربها الأكبر سناً ،
كانوا يتمنعون عن الحديث عن الأموات ، لكن هذا الكتاب جعلهم أكثر تسامحاً مع هذه
الفكرة ، وبدأوا يدلون بمعلومات كانت ديبرا تسمعها لأول مرة عن والدتها .
تجربتي
كان إحساس جميل إنك تصحب الكتاب في رحلة اكتشاف الشخص الذي وراء هيلا , بس أكثر ما عجبني هو الأجزاء التي كانت تتحدث فيها عن القوانين والأخلاقيات الطبية والمشاكل التي تسببها للأطباء والمرضى على حد سواء , الأمر أشبه بقراءة رواية ، بس كون فيها معلومات طبية بيخفف وخز
ضميري الدحيحي: انتي سايبة كتاب الهستو وبتقرأي ايه ؟ خليكي في المهم ! ، فيكون
ردي :ما دا كتاب طبي برضو اهو ! شايف بيقولpneumoencephalography , carcinoma in situ مصطلحات
الطبية اهي ؛ انطم بقا .(متجوجل
آخر مصطلح كدا؟)
هذا الكتاب أصنفه
على أنه "ثقب أبيض" ، كنت كل بضع صفحات أترك الكتاب وأمسك بهاتفي بحثاً
عن مصطلحات ، حوادث ، معلومات ذكرت فيه ، وجدت فيلمين وثائقيين عنه ، واحد قديم
وممل (the way of all flesh –BBc (لم أكمله، وآخر يحمل نفس عنوان
الكتاب انتاج سنة ٢٠١٧ وأعجبني ، لكن لو لم تقرأ
الكتاب فإنك على الأغلب لن تفهم أياً من أحداثه
.
فيلم 2017 من بطولة اوبرا وينفري |
إن الكتاب الجيد هو الذي يجعلك تشعر أنك فقدت صديقاً عزيزاً
عندما تغلق آخر صفحة , ولكن الكتاب الأجود منه هو الذي يعطيك فكرة عن صديقك التالي
J
أصعب لحظة بتمر عليّ بعد ما أخلص أي كتاب هي ( يادي النيلىة , هقرأ ايه دلوقت؟)
والبحث وقراءة
المراجعات وتشتت الآراء والأهواء , لكن إن شاء الله قد حزمت قراري –بعد ما نخلص
الترم على خير إن شاء الله – على كتاب Siddhartha Mukherjee- The Emperor of All Maladies_ A Biography of Cancer
أحسنت و يبدو أنه كتاب مثيرا للغاية و لكن لا اعتقد أنه كان من حق تلك التجارب أن نقوم بدون علم عائلتها الانتهاك لحقوق البشر فى سبيل العلم لا يمكن أن يكون مبرر ابدا لكن لربما النتائج أحيانا تدعلنا نتوقف عن النقد للسلوك
ردحذفأما عن ما رأيته من وافع ما كتبتيه فإن ما ظننته يضرك و يقتلك لربما بعد حين يحي الكون ��
باذن الله فى الصيف سأقرأه