المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف قصة

ما الألم ؟

في كتاب علم وظائف الأعضاء وردت جملة : "Pain is a subjective experince, it is not easily evaluated and an objective technique for measuring pain is unreliable." "الألم هو تجربة شخصية ، ولا يمكن تقديره بسهولة، ولا توجد طريقة موضوعية لقياس الألم" قبل فترة، كنت أتمدد على سريري متكدرة مغمومة وعلى وشك البكاء، حينها دخلت أختي سارة ذات السنوات الأربع، فما إن رأتني على تلك الحالة حتى سألت بحنوّ: مالك؟ لاطفتها: مفيش، مخنوقة عشان عندي مذاكرة كتير.   ظهرت عليها امارات التعجب، وطبطبت عليّ وخرجت من الغرفة. بعد عدة دقائق، عادت وبيدها دفتر وعدة أقلام، وطلبت مني الاعتدال في جلستي ثم أخذت مكانها بجواري، فتحت دفترها وسألتني بلغتها المتكسرة والكلمات ال"نص سوا" أي حرف يشكل لي صعوبة في مذاكرته، لتشرحه لي. ضحكت، وجاريتها في لعبتها، حرف الباء، كتبته لي، "طبء وتحتيه نؤتة" "باء بطة" وكتبتلي اخوته التاء والثاء والنون كي تزيل أي التباس عندي وأستطيع التفرقة بينهم، ثم قالت"شفتي سهل ازاي، متزعليش بقا".   قبلتها وشكرتها، فانصرفت لل...

لماذا يختفي الذباب فترة الشتاء ؟

اليوم ، في سكشن مراجعة البارا ، وجدت الناس قد تجمهروا حول المخلوقات كلها ، يفحصون وينقبون في صفاتها الغريبة ، يتأملون شنب البرغوث وظهر القراد والقمل ، كانت هناك متروكة مهملة ، يمرون عليها مرور الكرام ويتضاحكون : أيوا دي احنا عارفينها .. دي مزهقانا في البيت هاها .. ولا يكلفون نفسهم عناء النظر اليها . قلت في نفسي : إنها وبلا شك تستحق هذا الازدراء ، ف"زنّها المستمر" و"غلاساتها" لا يستحقان عقابًا غير هذا ، هذا ما جنته على نفسها ، ورمقتها بنظرة محتقِرة كالباقيين ورحلت . في الطريق إلى منزلي ، سمعت صوتًا يصرخ فيّ :" لماذا ؟" لم أتبين مصدر الصوت في البداية فتلفتت ، فوجدتها تصرخ :"هنا ؛ هنا على طرف نظارتك ". وجدتها الماصكا واقفة وعيونها المركبة مغرورقة بالدموع . "حسنًا ، أنتِ لم ترِ اللوسيليا ولا الكاليفورا ولو لمرة في حياتك ؛ ومع ذلك أعطيتهما اهتمامًا أكثر مني بكثير " صمتت قليلًا ثم تابعت "أعتقدت أننا صديقتان مقربتان ، أعني أنا أقضي الكثير من الوقت معك ، أبوح لكِ بكل أسراري بينما أنت تصغين ، وكلما حاولت تقبيلك على جبينك ابعدتيني...

غطاء رأس بنفسجي

ذات شتاء ، التقيت بغطاء رأس بنفسجي صوفيّ ، وقعت في حبه منذ النظرة الأولى ، عندما ارتديه أشعر أنني جميلة ومضيئة كالشمس ، يشعرني بالدفء ويحميني من عواصف الجو وعواصف نفسي ، بحضوره أصبحت كل الأغطية في خزانتي عديمة الجدوى ، فأنا لا ارتدي غيره . ولكن الشتاء ليس بسرمدي ، وها قد أتى الصيف بشمسه وحرّها ، فتخفف الناس من ملابسهم وصاروا ينظرون لصديقي البنفسجي نظرات مرتابة ، "إنه من الصوف ، لا يمكنك ارتداؤه في الصيف " ولكنتي ارتديته ولم يمانع ، "ستشعرين بالحر " الحر عندي أهون من فراقه ، "هذا ليس حباً بل تعلق " كيف تدري ؟ "سأعطيك رقم طبيب نفسي سيساعدك " شكراً ، لست بحاجة للمساعدة . لماذا افترض الجميع أني قد أضيق ذرعاً بغطاء رأسي البنفسجي ، كل منهم قد قولب الصوف بناء على تجربة سابقة في قالب لا ينفك عنه ، الصوف ليس للصيف ، هيه انظر ، ان بين الكلمتين جناس ، إن أحداً منكم لم يجرب أن يرتدي صوفاً في الصيف ليحكم بنفسه ، ثم إنني لم أشتك الحر قط لأحدهم ! فلماذا يتطوع الجميع ل"إنقاذي "؟ طال جدالهم ونفد صبري ، وبعدما كنت لا أطيق فراقه ، غدوت لا أطيقه . ...

الأصداف الهادرة، والطحالب الخضراء ، واللؤلؤ

صورة
كل صباح يذهب إلى البحر قبل أن تشرق الشمس ، ليلاقيها قبل ازدحام الشاطئ بالصيادين أمثاله ، يحكي لها عن الأرض ، عن البحارة والتجار والناس وأفراحهم وأعيادهم ، عن الكتب والاختراعات وابتسامات الأطفال ، وعن كل الأشياء التي لم تكن تستطيع رؤيتها . كان تستمع له بشغف ، وحالما يفرغ تقصّ عليه حكايات ذلك العالم العميق الساحر ، قبل لقياها كان البحر بالنسبة له مجرد مصدر للدخل ، بعدها صار بالنسبة له عالماً آخر يتوق لرؤيته . علمها القراءة ،"كل ما تحتاجين معرفته عن عالم البشر مسطور هنا" قال لها ، وكان يجلب لها الكتب فتختبأ بين الصخور وتقرأها أثناء عمله ، ويحضر لها المزيد والمزيد كل يوم . حتى جاء اليوم الذي كانت قد قرأت فيه كل الكتب المتواجدة في مكتبة قريته الصغيرة . كان الحزن بادياً على وجهه ، أخبرها "لقد بتِ تعرفين كل شيء عن عالمنا ولازال عالمك غامضاً بالنسبة لي " ، أطرقت وقالت "لا كتب لدينا لأحضرها لك ، ماذا عساي أن أفعل ؟" . ظل يتأملها وشعرها الأخضر الذي لم ير له مثيلاً بين فتيات البشر يتألق تحت الشمس ،  بعد برهة من الصمت قالت :"لدي فكرة ! " وقفزت ...