ما الألم ؟
في كتاب علم وظائف الأعضاء وردت جملة :
"Pain is a subjective experince, it is not easily evaluated and an objective technique for measuring pain is unreliable."
"الألم هو تجربة شخصية ، ولا يمكن تقديره بسهولة، ولا توجد طريقة موضوعية لقياس الألم"
قبل فترة، كنت أتمدد على سريري متكدرة مغمومة وعلى وشك البكاء، حينها دخلت أختي سارة ذات السنوات الأربع، فما إن رأتني على تلك الحالة حتى سألت بحنوّ: مالك؟
لاطفتها: مفيش، مخنوقة عشان عندي مذاكرة كتير.
ظهرت عليها امارات التعجب، وطبطبت عليّ وخرجت من الغرفة.
بعد عدة دقائق، عادت وبيدها دفتر وعدة أقلام، وطلبت مني الاعتدال في جلستي ثم أخذت مكانها بجواري، فتحت دفترها وسألتني بلغتها المتكسرة والكلمات ال"نص سوا" أي حرف يشكل لي صعوبة في مذاكرته، لتشرحه لي.
ضحكت، وجاريتها في لعبتها، حرف الباء، كتبته لي، "طبء وتحتيه نؤتة" "باء بطة" وكتبتلي اخوته التاء والثاء والنون كي تزيل أي التباس عندي وأستطيع التفرقة بينهم، ثم قالت"شفتي سهل ازاي، متزعليش بقا".
قبلتها وشكرتها، فانصرفت للعبها.
بقدر ما أسعدني اهتمامها، ومحاولتها الترويح عني بالطريقة الوحيدة التي تعرفها، جعلتني أفكر في أشياء كثيرة، كيف أننا نرى آلام الآخرين من خلال نظارة تجاربنا.
بالنسبة لسارة، فإن "ألم المذاكرة والامتحانات" يكمن في صعوبة التفرقة بين رقم ٢ و٦، أو حرفي ب و ت .. لذلك قاست تجربتي بمعايير تجربتها، ورأت أن الأمر لا يستدعي كل هذا الحزن، وحاولت مساعدتي حسب قواعد لعبتها، لو حاولت أن أشرح لسارة أن المذاكرة قد تتضمن أشياء أكبر، تشريح وفيزيولوجي، لما فهمت قصدي، ولظنت أني أبالغ في تقدير الأمور فحسب.
يوميًا نمعلش من حولنا، ونحاول إقناعهم بأن المشاكل التي تزعجهم هي أصغر مما يظنون "فاهمك والله" "حاسس بيك ما أنا كدا بالضبط" ، ولكن ماذا لو أننا المخطئون في تقديرنا، ماذا لو أننا لم نقاسِ الألم الذي يعانونه ؟
تعليقات
إرسال تعليق