المشاركات

لماذا يختفي الذباب فترة الشتاء ؟

اليوم ، في سكشن مراجعة البارا ، وجدت الناس قد تجمهروا حول المخلوقات كلها ، يفحصون وينقبون في صفاتها الغريبة ، يتأملون شنب البرغوث وظهر القراد والقمل ، كانت هناك متروكة مهملة ، يمرون عليها مرور الكرام ويتضاحكون : أيوا دي احنا عارفينها .. دي مزهقانا في البيت هاها .. ولا يكلفون نفسهم عناء النظر اليها . قلت في نفسي : إنها وبلا شك تستحق هذا الازدراء ، ف"زنّها المستمر" و"غلاساتها" لا يستحقان عقابًا غير هذا ، هذا ما جنته على نفسها ، ورمقتها بنظرة محتقِرة كالباقيين ورحلت . في الطريق إلى منزلي ، سمعت صوتًا يصرخ فيّ :" لماذا ؟" لم أتبين مصدر الصوت في البداية فتلفتت ، فوجدتها تصرخ :"هنا ؛ هنا على طرف نظارتك ". وجدتها الماصكا واقفة وعيونها المركبة مغرورقة بالدموع . "حسنًا ، أنتِ لم ترِ اللوسيليا ولا الكاليفورا ولو لمرة في حياتك ؛ ومع ذلك أعطيتهما اهتمامًا أكثر مني بكثير " صمتت قليلًا ثم تابعت "أعتقدت أننا صديقتان مقربتان ، أعني أنا أقضي الكثير من الوقت معك ، أبوح لكِ بكل أسراري بينما أنت تصغين ، وكلما حاولت تقبيلك على جبينك ابعدتيني...

مراجعة : قلق السعي إلى المكانة - آلان دي بوتون

صورة
يميل بعض الناس لوضع خطة مسبقة لقراءتهم خلال العام مثلاً , وقد جربت هذه الطريقة ولم أفلح في الالتزام بها أبداً , فأنا تتغير اهتماماتي ورغباتي في القراءة من وقت لآخر , كما أن الكتب التي تصدر حديثاً قد تثنيني عن قراءة كتاب قديم . وفي معظم الوقت , قد أشرع في قراءة كتاب ما فوراً متجاهلة خططي والكتب التي لم أتمم منتصفها بعد , حينما أقرأ مراجعة لكتاب وتلفت انتباهي . هذا ما حدث معي هذه المرة , قرأت مراجعة على أحد مواقع التواصل لكتاب "قلق السعي إلى المكانة " الذي صدرت ترجمته إلى العربية مطلع هذا العام , لمؤلفه آلان دي بوتون صاحب كتاب (عزاءات الفلسفة ) وقناة اليوتيوب " school of life “ . عذراً كتب قائمتي , هذا ضيف لا يمكن أن أغلق الباب في وجهه . بداية , ما هو "قلق السعي إلى المكانة " ؟   الترجمة العربية طويلة جدا مقارنة بالعنوان الانجليزي status anxiety  , وهو ببساطة ذلك القلق الذي ينهشنا من الداخل عندما نفكر في موضعنا بين البشر , وعما سوف نصبحه .قلق خبيث إلى حد يجعله قادراً على إفساد مساحات شاسعة من حياتنا , يساورنا خشية فشلنا في مجاراة قيم ا...

أخلاقك في مواعيينك

يطلق المصريون كلمة مواعيين على أدوات المطبخ من اطباق ومعالق وغيرها ، ولطالما تسائلت هل كلمة المواعين عربية أصيلة ؟ بداية ، دعني أخبرك بمعلومة صغيرة . في المناسبات عادة ، يُعد الناس طعاماً أكثر مما يعدونه في حياتهم اليومية ، مما يتطلب منهم استخدام حاجيات أكثر (حلل ، أطباق ، معالق ) ، ولما كانت هذه الأشياء قليلة في العصور الغابرة جرت العادة ان يستعيرها الناس من جيرانهم وأقاربهم في المناسبات ، ويرجعونها بعد انتهاء المناسبة ، واذا ما كسرت أو جرى لها مكروه فإنهم يبدل ونهم عوضاً عنها . لا يتضرر الإنسان بإعارتهم شيئاً ، لا تنتقص من ملكه ولا وقته ولا جهده ، بل وعلى العكس يكسب ود الناس ، ويعاونهم على الخير ، بدون أن يخسر شيئاً . لذلك خص الله من يمنعونه بالقول في آخر سورة الماعون ( ويمنعون الماعون ) ، لأن المنع في هذه الحالة ليس ناتجاً عن الشح أو البخل أو رغبة الانسان في الزيادة ، ولكنه ناتج عن حقد وغل ، وكراهية للناس تمنعه حتى من المساعدة في أبسط الأشياء . عندما يصف الله من يمنع إعارة مواعينه ب"التكذيب بالدين " ويقرنه بمن يسهو عن صلاته و من يسيء لليتيم ويمنع الطعام عن...

سر المزاج الرايق

في الطب القديم ، ظلت نظرية تعلل منشأ الامراض سائدة لقترة وهي نظرية الامزجة أو الأخلاط (Humorism) ، باختصار هي عبارة عن انه جسم الإنسان مليء بأربع مواد أساسية، تدعى المزاجات، والتي عندما تكون في توازن يكون الشخص في صحة جيدة. جميع الأمراض والإعاقات يفترض أنها نتجت عن وجود فائض أو عجز في واحدة أو أكثر من هذه المزاجات الأربعة. ويعتقد أن هذا العجز سببه استنشاق الأبخرة أو امتصاصها من قبل الجسم. والمزاجات الأربعة هي الصفراء السوداء، والبلغم والدم. هذه النظرية توازي نظرية ال( homeostasis ) في الطب الحديث ، وبإمكانك ملاحظة تشابهات كتيرة بين النظريتين . النظرية كانت متجذرة جداً في عقول الناس ولازالت آثارها باقية إلى اليوم في اللغات التي نتحدثها، مثلاً عندما نجد شخصاً طَرِباً نصفه بأنه ذو (مزاج رايق ) حرفياً الجملة تعني أن الأخلاط داخل جسمه صافية ، وفي حالة توازن ، فبالتالي تدل على إنه في صحة جيدة-جسمياً ونفسياً - . 😄 من المعجم : مزاج = : ما يُمزج به من الشّرابِ ونحوِه ، وكلّ نوعين امتزَجا فكلّ واحد منهما مزاج . رائق =مصفى . ما أريد اقوله ، الكلمات تحمل أبعاد أوسع من معانيها ا...

لقد تم العثور على ينبوع الشباب ,شكراً للvampires !

فيلم رعب , مصاص دماء , يغرس نابيه في عنق ضحيته الشابة ليحافظ على شبابه الخالد , صورة فانتازية جداً , ولكن هل  فكرت يوماً أنها ربما كانت طريقة صحيحة للحفاظ على الشباب؟!  لاحظ العلماء أنه على الرغم من كل الاختلافات التي بين خلايا أنسجة الجسم المختلفة إلا أنها عندما تشيخ , فإنها تشيخ بمعدل واحد تقريباً , كيف يمكن لهذا أن يحدث ؟ السبب الذي تم افتراضه هو أنه لابد أن يكون هناك عامل ما يربط كل خلايا الجسم ببعضها , فعندما يتأثر هذا العامل يؤثر على بقية الأنسجة . كانت هذه بداية الفكرة ,إن الدم هو الذي يربط مختلف أجزاء الجسم ببعضها , لابد أن في الدم شيئاً ما يتغير عندما نشيخ . بدأت التجارب على الفئران أولاً , عن طريق وصل الدورة الدموية لفأر شاب وآخر عجوز وجعلهما يعيشان معاً كتوأم ملتصق (parabiosis) لوحظ أن الخلايا الجذعية في الفأر العجوز قد عادت للانقسام مجدداً وتتصرف وكانها خلايا شاب وتحدث تجديدات في خلايا العضلات والكبد وحتى خلايا الدماغ ! العكس صحيح أيضاً , فعندما تم حقن فئران شابة بدماء أخرى كبيرة في السن , تمت ملاحظة تردٍ في وظائف الدماغ مما يرجع أن هناك عوامل أيضاً في الد...

سم الفئران يتحول إلى دواء

سنة ١٩٢٠ في مزارع كندا وأمريكا الشمالية انتشر مرض غريب بين المواشي كان يجعلها تنزف داخلياً حتى الموت . عالم أمراض بيطري ، لاحظ أن السبب ي كمن في السيلاج المصنوع من البرسيم الحلو الذي يتم اطعامه للماشية (السيلاج وهو نوع من العلف يتم تحضيره عن طريق تخمير البرسيم في درجات رطوبة عالية) ، عن طريق تجربة ، اطعم إحدى الأرانب بالبرسيم الحلو الطازج وأرنب أخر سيلاج مصنوع من نفس البرسيم . تبين أن السيلاج له آثار مسيلة للدم توقف عمل البروثرومبين وكانت الأرانب تموت بسبب النزيف . ظل السبب في كون السيلاج مسبب للنزيف بينما البرسيم الحلو لا يسببه محيراً لسنوات ، حتى سنة 1940 حين توصل كارل لينك وزملاؤه إلى المادة المسيلة للدم في السيلاج واستخلاصها ، استغرق الامر اربع سنوات من البحث والتجارب لاستخلاص ٦ مليجرام منها ، وأربع شهور أخرى لاستخلاص جرامين تقريبا ، وبعد التعرف على تركيبه الكيميائي أصبح من السهل تصنيعه كيميائياً . البرسيم الحلو يحتوي على مادة تدعى الكومارين التي تعطيه رائحة منعشة وخلابة ، عند تعرضه للرطوبة فأن أنواع معينة من العفن تنمو وتتغذى على الكومارين وتحوله إلى (دايكيومارول) ، المادة ال...

غطاء رأس بنفسجي

ذات شتاء ، التقيت بغطاء رأس بنفسجي صوفيّ ، وقعت في حبه منذ النظرة الأولى ، عندما ارتديه أشعر أنني جميلة ومضيئة كالشمس ، يشعرني بالدفء ويحميني من عواصف الجو وعواصف نفسي ، بحضوره أصبحت كل الأغطية في خزانتي عديمة الجدوى ، فأنا لا ارتدي غيره . ولكن الشتاء ليس بسرمدي ، وها قد أتى الصيف بشمسه وحرّها ، فتخفف الناس من ملابسهم وصاروا ينظرون لصديقي البنفسجي نظرات مرتابة ، "إنه من الصوف ، لا يمكنك ارتداؤه في الصيف " ولكنتي ارتديته ولم يمانع ، "ستشعرين بالحر " الحر عندي أهون من فراقه ، "هذا ليس حباً بل تعلق " كيف تدري ؟ "سأعطيك رقم طبيب نفسي سيساعدك " شكراً ، لست بحاجة للمساعدة . لماذا افترض الجميع أني قد أضيق ذرعاً بغطاء رأسي البنفسجي ، كل منهم قد قولب الصوف بناء على تجربة سابقة في قالب لا ينفك عنه ، الصوف ليس للصيف ، هيه انظر ، ان بين الكلمتين جناس ، إن أحداً منكم لم يجرب أن يرتدي صوفاً في الصيف ليحكم بنفسه ، ثم إنني لم أشتك الحر قط لأحدهم ! فلماذا يتطوع الجميع ل"إنقاذي "؟ طال جدالهم ونفد صبري ، وبعدما كنت لا أطيق فراقه ، غدوت لا أطيقه . ...